المولف: اسد امیری کیان

المقدمة

ازدادت حدة العملية الانتخابية للبرلمان في إقليم كردستان العراق مع دخول الحزبين الرئيسيين في الإقليم، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني، حيث اشتدت المنافسة عبر انتخابات مجالس المحافظات في كركوك وديالى. ومع اقتراب موعد الانتخابات، تصاعدت المشادات اللفظية بين الحزبين لرفع حماس الجماهير، حيث تبادل الطرفان الاتهامات. يتسم النظام الانتخابي في إقليم كردستان بأن الجبهة التي تحصل على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان يحق لها اختيار رئيس الإقليم الجديد وتشكيل الحكومة. أُجريت آخر انتخابات في إقليم كردستان العراق في عام 2018، حيث فاز الحزب الديمقراطي بـ 45 مقعدًا من أصل 111 مقعدًا في البرلمان، بينما حصل الاتحاد الوطني الكردستاني على 21 مقعدًا. يبدو أن الاتحاد الوطني الكردستاني يسعى في الانتخابات القادمة لتعزيز نفوذه من خلال زيادة تأثيره في انتخابات مجالس المحافظات في كركوك وديالى، مما يزيد من فرصه لمنافسة الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل أكبر. بشكل عام، مع تزايد المنافسة بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، إلى جانب الأنشطة العسكرية التركية والأزمة الاقتصادية بعد قرار المحكمة الفيدرالية، من المتوقع أن تؤثر على الانتخابات القادمة من جوانب عدة.

انتخابات مجالس محافظات كركوك وديالى: تمهد لتصعید المنافسة

وفقًا لدستور العراق لعام 2005، يُدار البلد بنظام اتحادي حيث لكل محافظة مجلس محلي يمثل حكومة محلية لتلك المحافظة. بين عامي 2013 و2023، لم تُجرَ انتخابات مجالس المحافظات بسبب مجموعة من العوامل مثل الفساد الاداري، اندلاع الاحتجاجات في العراق، ظهور تنظيم داعش، وأخيرًا احتجاجات تشرين 2019، مما تسبب في تعطيل إجراء الانتخابات. بعد عشر سنوات، أُجريت انتخابات مجالس المحافظات مرة أخری في ديسمبر 2023. وبعد إعلان نتائج الانتخابات، سارعت المحافظات الجنوبية والوسطى والغربية إلى تشكيل حكوماتها المحلية التي تشمل المحافظ ورئيس المجلس ونوابه إلا أن محافظتي ديالى وكركوك لم تتمكنا من تشكيل مجالسها المحلية بسبب تقارب المقاعد بين التحالفات السياسية وتعقيد التفاعلات بين الأحزاب بعد إقالة محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق ورئيس حزب التقدم، إضافة إلى التنافس المحتدم بين الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق. مع ذلك، تم تشكيل الحكومات المحلية في ديالى وكركوك رغم التحديات المختلفة.

في محافظة ديالى، تشكلت الحكومة المحلية بعد ضغوط شديدة من نوري المالكي، رئيس ائتلاف دولة القانون، حيث تمكن تحالف الأغلبية بمساعدة المالكي ومحسن المندلاوي وخميس الخنجر ومثنى السامرائي وبافل طالباني وأحمد الموسوي (عصائب أهل الحق) من الفوز بـ 8 مقاعد، مما مكنهم من تشكيل الأغلبية. وقام نوري المالكي بتعيين “عدنان الجايّر” محافظًا لديالى، بينما تم تعيين “سالم التميمي” من قبيلة بني تميم، والمرتبط بکتلة “الصادقون” بقيادة قيس الخزعلي، رئيسًا للمجلس.

في محافظة كركوك، بدأ الاتحاد الوطني الكردستاني الذي حصل على 5 مقاعد، مفاوضات لتولي مسؤولية المحافظة ورئاسة مجلس كركوك. تمكن بافل طالباني من كسب تأييد 3 أعضاء من العرب السنة وعضو مسيحي بقيادة ريان الكلداني، ليشكل بذلك تحالفًا من 9 نواب يتمتع بالأغلبية، مما أدى إلى تعيين “ريبوار طه” من الاتحاد الوطني محافظًا لكركوك، و”محمد الحافظ” من التحالف السني رئيسًا لمجلس كركوك. يسعى الاتحاد الوطني الكردستاني بشكل جاد إلى إقصاء منافسه التقليدي، الحزب الديمقراطي الكردستاني، وقد نجح في نهاية المطاف في تولي قيادة محافظة كركوك. هدف الاتحاد الوطني هو انتزاع منصب رئيس الاقليم أو رئيس الوزراء من عائلة بارزاني في الانتخابات القادمة. في الأسابيع الأخيرة، كثف الاتحاد الوطني حملته الانتخابية في محافظتي أربيل ودهوك، على أمل تقليص الفجوة بينه وبين الحزب الديمقراطي.

في المقابل، يعترض الحزب الديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية على تشكيل الحكومة المحلية في كركوك. ويشير هذا الحزب في اعتراضاته إلى أن التحالف الذي تمكن من تعيين المحافظ ورئيس المجلس عقد الانتخابات خارج كركوك في فندق الرشيد ببغداد. وفي بيان رسمي، رفض الحزب الديمقراطي هذه العملية واعتبرها غير مقبولة. اضافة إلی ذلك، أثار الدور المحوري لقيس الخزعلي في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 وانتخابات مجالس المحافظات لعام 2023، التي حقق فيها الاتحاد الوطني مكاسب كبيرة، شائعات بأن هذا التيار قد يدعم بافل طالباني للوصول إلى رئاسة إقليم كردستان في الانتخابات القادمة. كل هذه التطورات تعزز  المنافسة السياسية في كردستان العراق، خاصة بين الحزبين الرئيسيين، الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي.

الخاتمة

إن تشكيل مجلس محافظة كركوك وعودة رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني إلى السليمانية منتصرًا يُعد انتصارًا كبيرًا للاتحاد الوطني الكردستاني، ولكنه في المقابل سيضعف قاعدة تأييد الحزب الديمقراطي الكردستاني. ومع زيادة حدة المنافسة بين الحزبين الرئيسيين، تكتسب الانتخابات المقبلة للبرلمان في كردستان أهمية متزايدة نظرًا للأزمة الاقتصادية التي يواجهها الاقليم بعد قرار المحكمة الفيدرالية، وكذلك بسبب التواجد العسكري التركي ومكافحة حزب العمال الكردستاني، وهي عوامل قد تؤثر على كلا الطرفين، الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي على السواء ، وعلى مستقبل الاقليم بشكل عام.

 

المصدر: الشهيد الخامس

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here