نداء الأقصی، بين الماضي و الحاضر

0
19

الکاتب: أكبر بيرامي

تلخيص

إن قضية فلسطين تنتشر بطريقة لم يسبق لها مثيل، وقد واجه تفكير النظام الصهيوني الموجه نحو التنمية، مشكلة خطيرة و تاريخية. والعراق أحد اللاعبين الأساسيين في هذا المشهد التاريخي. يعلم الجميع أن قيادة هذه الحركة الإسلامية الإنسانية العظيمة هي من مسؤولية الثورة الإسلامية، وهذا المقال يحاول إلقاء نظرة على هذه القصة من عدسة خاصة.

نداء الأقصی فی الماضي

تسمية المقال: بـ”نداء الأقصى” لها حکمة و معنی. هذا هو الاسم الذي أطلقه صدام حسين عبد المجيد، دكتاتور البعث العراقي الدموي والمدمر، على أكبر وأطول إستعراض عسكري في العالم.

في أوائل يناير من سنة 2000، نظّم الحزب البعثي اضخم استعراض عسكري باسم (نداء الاقصى) الذي قيل أنه قد شارك فيه مليونا متطوع للقتال في فلسطين. وشارك عشرات الاف العراقيين من مختلف صنوف الجيش العراقي بآلياتهم العسكرية المختلفة بعرض عسكري كبير جرى في بغداد بحضور الرئيس المقبور صدام حسين الذي كان يرتدي ملابس مدنية زرقاء وقبعة والى جانبيه نائب رئيس الجمهورية طه ياسين رمضان ووزير الدفاع سلطان هاشم احمد. وتقدمت المشاركين عند بدء الاحتفال عربة كبيرة تحمل عليها ديكورا لقبة الصخرة وتحتها رسم يمثل جنود عراقيون يحملون اعلاما عراقية وفلسطينية. وكانت طائرات الهليكوبتر (المروحيات) تطير فوق المستعرضين وهي ترفع اعلاما فلسطينية وعراقية اضافة الى الطائرات الحربية التي كانت تطير في سماء ساحة الاحتفالات. قد استمر العرض 11 ساعة و کان صدام حسين يشاهد العرض طوال الوقت واقفاً.

لم تمض سوى ثلاث سنوات على هذا الحدث حتى قبل الجيش العراقي الهزيمة في ليلة واحدة، أحلت العراق وتم إنحلال حزب البعث، وهرب صدام إلى حفرة، وفي النهاية تم اعتقاله هو ورفاقه وحكم عليهم بالإعدام والسجن دون التسبب بأي أذى منهم إلى إسرائيل.

نداء الأقصی في الحاضر

ففي هذه الأيام، کلما نلقي النظرة علی مواقع الأخبار، فهناك صورة أو نص أو فيديو عن سقوط الصواريخ والطائرات المسيرة الحربية على بنی النظام الصهيوني التحتية. ويخوض هذا النظام معركة على جبهتين بريتين وعدة جبهات جوية. قد توقفت موجة الهجرة اليهودية إلى الأراضي المحتلة، ويفكر المستوطنون، وخاصة اليهود الأرثوذكس أو الإسرائيليين الفقراء الذين استوطنوا في المستوطنات المنشأة حديثاً في المناطق الحدودية مع لبنان أو فلسطين، للعودة إلی أوطانهم. وهناك مقاطع فيديوية كثيرة لليهود الفارين من الجيش الإسرائيلي؛ وتجري كل يوم عمليات جهادية في إحدى مدن إسرائيل، مما أثار ذعر الصهاينة. وكلما ضعفت جبهة المقاومة، بدأت إيران تمطر الأراضي المحتلة بالصواريخ، و تعود القوة إلى محور المقاومة من جديد. وهذا على الرغم من أنه في تجارب مماثلة في عام 2006 و أعوام قبله وبعده، لم تكن إسرائيل قادرة على الدخول في صراع شامل والخروج منتصرة. وعلى الظن الأرجح أن إسرائيل لن تحقق أهدافها المحددة في هذه المعركة أيضاً. ومن استشهد في هذا الطريق الإلهي على يد الكيان الصهيوني تم تشييعه علی أيدي المسلمين بکل الإحترام و التکریم، ويعزى أهله بأطيب العبارات. مع كل جريمة يرتكبها النظام الصهيوني، فإن جميع الباحثين عن الحرية وذوي النوايا الحسنة في العالم يعبرون عن عداءهم الناعم للنظام الصهيوني بالكتابة أو الصراخ أو التواجد في الشوارع أو إرسال المساعدات الإنسانية. اليهود الذين ينوون العودة من إسرائيل إلى وطنهم السابق يخافون من الأشخاص الذين يكرهون الإسرائيليين.

نعم! إن ما يحدث فعلاً و الذي يهاجم النظام الصهيوني كل ساعة ويسبب له أضراراً قاتلة ها هو نداء الأقصى الحالية.

ما الفرق بين نداء الأقصى في الماضي والحاضر؟

وماذا حدث حتى واجهت قضية فلسطين في فكر صدام البعثي فشلاً مئة بالمئة، ولكن لتلك القضية نتائج رائعة من فكر ثورة الإمام الخميني الإسلامية؟!

النفط الذي كان يملكه صدام، وارتباطه بفصائل التحرير الفلسطينية، والدعم المالي الذي قدمه، ما زال الحديث عنه حتى الآن. فماذا حدث حتى كانت نتيجة كل هذه الأعمال: لا شيء؟! ربما يمكنك التفكير لساعات وتجميع العوامل المختلفة معًا للعثور على الجواب لهذا السؤال.

ما يتبادر إلى ذهن الكاتب هو أن: الفكر الفلسطيني الحالي، بدلاً من الاعتماد على القوة العربية، ركّز على الفكر الإسلامي والإنساني. وبدلاً من تقديس الغيرة العنصرية العربية العابرة، ارتكزت على العلوم الإنسانية الإسلامية التي تعتبر قتل الأطفال واغتصاب الأراضي والإساءة لسكان الأرض قبحاً ذاتياً، ومن ناحية أخرى، تصف الحياة الآخرة بأنها أجمل من الحياة الدنيا. خاصة وأن رئيس هذه المدرسة هو الذي فضّل الموت مع العزة على الحياة مع الذلة، وبدلاً من أن يمدّ يده لمبايعة يزيد، قدّم حنجرته ليقطعها خنجر العدو. ويجب أن نعلم أيضاً أن الفكر الحالي کان ألطف بکثير على الشعب من فكر صدام حسين. لقد بنى صدام أسُس حكومته على عظام القتلى العراقيين. لم يكن هناك زقاق أو حي في وسط العراق وجنوبه أو شماله إلا وقد قتل عدد من سكانه على يد نظام البعث الصدامي.

احترام الشعب و تکريمهم وقبول التنوع العرقي والفكري، وتطوير الحريات السياسية والاجتماعية، وتطوير البنية التحتية، وعدم قطع الاتصال مع العالم، وبذل جهد متزايد لتطوير العلاقات الخارجية مع مختلف البلدان، ومحاولة مستمرة لخلق العدالة بين الأعراق المختلفة والقيام بالأنشطة المدنية و الإقتصادية و الإعلامية و إيضاً الإعلام المستمر والقوي في شرح ما يحدث على أرض الواقع، کله کان مؤثراً جداً في إنجازات نداء الأقصی الحالية.

ولا شك أن كل عامل من هذه العوامل مثل: تقليص رأس المال الاجتماعي في ظل تقليص الحريات الاجتماعية أو تقليص القدرات الاقتصادية وفصل رأس الحكومة وجسمها عن الشعب، سيكون السم القاتل لهذه النجاحات في المستقبل.

وليس من قبيل الصدفة أن يكون لدى الجيش الإسرائيلي كتيبة عسكرية ناطقة باللغة الفارسية – معظمها بهائية تابعة لإسرائيل – تتحدث مستمرة بإسم الشعب الإيراني وتحاول إقامة علاقة بينها وبين الشعب الإيراني. هم من يطلقون النار من أفواههم وهدفهم هو العاصمة الاجتماعية للثورة الإسلامية. أضِف إلى ذلك المئات من المتحدثين العرب الإسرائيليين الذين يتکلمون في مختلف وسائل الإعلام الفضائية والافتراضية و يخاطبون الشعب العربي ويحاولون تقديم الثورة الإسلامية كعدو مشترک لإسرائيل و الشعب العربي.

ينبغي أن نتفکر طويلاً في أنه: ما سر نجاح دعوة الأقصى الحالية وما سر فشل دعوة الأقصى السابقة؟!

المصدر: مرکز الشهيد الخامس للدراسات و الأبحاث

أکتب تعليقك

Please enter your comment!
Please enter your name here