الجزء الأول: بداية مشروع تأسیس الطوائف المنحرفه في العراق
بقلم: أکبر بيرامي
المقدمه
منذ بداية التسعينيات، أصبحت المحافظات الشيعية في العراق مرتعاً للإنتاج الضخم للطوائف المنحرفة التي إضمحلّت بعضها، فيما بقيت حياة بعضها الآخر و أستمرت وخلقت العديد من المشاكل في تاريخها القصير. و من هذه الفرق الضالة الناشئة، ها هي الفرقة اليمانية التي تم تأسيسها و إدارتها من جانب المهندس أحمد إسماعيل السلمي – ما يلقّب نفسه: بـ أحمد الحسن اليماني-. جميع هذه الطوائف تقريبًا مناهضة للجمهورية الإسلامية ومعادية لمحور المقاومة وتسعى إلى تطوير المعارضة الشيعية في العراق ولها عداوة عقائدية و عملية مع المرجعية الدينية العلياء في العراق.
نظرة قصيرة و مختصرة على المنتجات غير السارة للصدر الثاني في عهد إدارة الحوزة العلمية في العراق
يعتبر المرحوم السيد محمد الصدر (الصدر الثاني) کشخصية مليئة بالضعف والقوة. وينبغي أن يُعطى الحق لمن يكرّمه و يبالغ في تکريمه ومن يضعه دائماً تحت النقد اللاذع والقاسي!! لأن كلاهما على حق بما يكفي.
فمن ناحية، إن السيد الشهيد محمد الصدر هو محيی صلاة الجمعة في العراق، وقد سعی ضد الأفكار الشيوعية والرأسمالية لسنوات طويلة ولقي سجوناً مؤلمة، وأخيراً اغتيل مع وَلَدَيه على يد نظام البعث. وكان دائماً يدعم إيران والجمهورية الإسلامية في ظل تراجع شرعية نظام صدام، ورغم مؤامرة دعاة الفتنة، إلا أنه لم يستسلم للمنافسة النقابية مع مراجع التقليد المقيمين في إيران.
ومن ناحية أخرى، فإن لدى النقّاد أيضًا إنتقادات مهمة حول سلوك الشهيد الصدر الثاني. فإن من إحدی الانتقادات هي: تعيينه كالمرجع الرسمي للشيعة من قبل حكومة البعث في عهد صدام وقبوله لهذا المنصب. و کان هذا في سنوات بالغة الحساسية و مليئة بجرائم البعث التاريخية في إيران والكويت والعراق.
فبغض النظر عن هذين التوجهين، نلقي النظرة على سلسلة من المنتجات غير السارة التي ولدت من بطن الأنشطة الحوزوية للسيد محمد الصدر:
1.الحركة السلوكية . فقد نشأت في بداية التسعينات بعد أن ألقى الشهيد السيد محمد الصدر ( رحمه الله ) دروساً حوزويه في العرفان والسلوك وعلم الباطن والحقيقة ، مقابل علم الظاهر والشريعة.
وكانت برئاسة عدة أشخاص من تلامذته، قيل منهم الشيخ حازم السعدي وعايد الصدري ، وعمار الصدري . وقد وقف السيد الصدر في وجههم و سعی في إبطالهم.
- حركة : المنتظرون . وهم جماعة أخرى من تلاميذ المرجع الشهيد السيد محمد الصدر ، ظهروا في حياته أيضاً و بعد وقوف السيد محمد الصدر أمامهم، تمّ حلّهم.
- حركة جند المولى . ويقصدون ب”المولى” مرجعهم السيد محمد محمدصادق الصدر . زعموا أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) تجلى فيه ! وقيل إنهم برئاسة منتظر الخفاجي وفرقد القزويني(علی رأي المرحوم الشيخ علي الکوراني)، وقد وقف ضدهم السيد الصدر أيضاً .
- حركة الشيخ حيدر مشتت المنشداوي ، وكان من تلامذة السيد الصدر الثاني ، وبدأ حركته في حياته ، لكنه كان متحفظاً و لم يعلن دعوته إلا لأفراد . وكان الشيخ حيدر أول من سمى نفسه يمانياً، وأشترک صديقُه أحمد إسماعيل السلمي فرقتَه الناشئة لحيدر لفترة.
- حركة فاضل عبد الحسين المرسومي: الذي ادعى أنه إمام رباني. وقد تم اغتياله على يد مجهولين قبل أشهر.
- حركة أصحاب القضية : وهم جماعتان :
الأولى : حركة روح الله الذين زعموا أن الإمام الخميني ( رحمه الله ) هو المهدي ( عليه السلام ) وأنه لم يمت بل غاب ، وسوف يظهر !
الثانية : حركة النبأ العظيم . وتدعي أن السيد مقتدى الصدر هو الإمام المهدي (عليه السلام) - حركة الصرخي: يتزعمها محمود الصرخي، الذي سمى نفسه السيد محمود الحسني الصرخي، وادعى أنه خليفة السيد محمد الصدر. ووصف السيد كاظم الحائري والسيد علي السيستاني وغيرهما من مراجع التقليد الشيعي في العراق بأنهم: الكاذبين و عملاء إيران.
- جماعة أحمد الحسن اليماني: بقيادة المهندس أحمد إسماعيل السلمي؛ الذي درس في كلية الهندسة بالبصرة ثم التحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف في عهد زعامة السيد محمد الصدر؛ کان صديقاً ومتأثراً بحيدر مشتت المنشّداوي. هو من أسّس بمساعدة الشيخ حيدر جماعة: “أنصار المهدي”، ثم ذاع صيته تحت عنوان: “الدعوه الیمانیه”.سيتناول الجزءان الثاني والثالث من هذه المقالة حصريًا لهذا المدعي و أفکاره و دعواته و خطره.
فإن ظهور ثمانية دعاوي فاسدة ومنحرفة أو استعمارية من نفس المصدر، (التي إضمحلت أکثرها و بقيت بعضها بعد حلها في التيار الصدري بإدارة السيد مقتدى الصدر في العراق و بقیت الجماعة اليمانية منها)، أمر يجب التأمل فيه. و لکن الوصول من التفوق الفكري لشخصية مثل السيد محمد باقر الصدر إلى مثل هذه الجماعات المنحرفة، يبدو أنه أكثر من مجرد خطأ و إهمال. وكأن الأيدي نفسها التي اغتالت السيد محمد باقر الصدر أرادت اغتيال أفكاره المتعالية من جديد.